الجديد يكتسح ولو بعد حين ( صراع إزلي ) !
كتب :محمد الشويخ
التاريخ مليء بالثنائيات المتناقضة الحرب والسلام ، الحرية والقمع ، النضال والاستسلام ،الاستقرار والاضطراب ….لكن يحمل دائما في ثناياه صراع أزلي بين الجديد والقديم .
في الفيلم الأمريكي ( جانجز اوف نيويورك ) اخراج مارتن سبكورسيزى نجد هذا الصراع فى بداية تكوين مدينة نيويورك وهى واحدة من اعظم حواضر القرن الحادى والعشرين وهو اسقاط على الامة الامريكية كلها ، هذا الصراع يتمثل فى مكافحة الامريكان الاصليين ( قطعا ليسوا الهنود الحمر !) مع جحافل الأيرلنديين الذين يتزايد عددهم تدريجيا حتى شكلوا طوفانا من المهاجرين اكتسح الحرس القديم بفكره ونظمه وعاداته وتقاليده ، شكلت موجات الجديد دائما دم جديد للامة الامريكية يعيد اليها حيويتها كل عقد من الزمن ، الثى تعتبر امة من المهاجرين على حد وصف كيندي في كتابه المعنون بهذا الاسم .
يصف سبكورسيزى فى الفيلم عن طريق مشاهد بصرية احترافية الصراع المرير بين القديم ( حتى ولو كان نسبيا ) وبين الحديث الجارف الراغب والطامح فى التغيير وهذا الصراع اتسم بالوحشية والمبالغة فى القسوة والرغبة الجارفة فى التدمير فلم يحدث بأساليب دبلوماسية ودسائس ناعمة وانما دائما انتهى بالقتل والتشوية على الاقل .
نيويورك ذات الوجه الجميل المتحضرة زعيمة قرن الحداثة على حد فيلم سكورسيزى تخفى تاريخا وحشيا من القتال الضاري والمرير مدفون فى طبقات المدينة السفلية التي تحتوى انقاض الاكواخ الاولى ومظاهر الهمجية والتخلف .
ليست فقط نيويورك التى شهدت هذا الصراع بل هو مبثوث فى كل احداث التاريخ وتطور الامم والشعوب والمدن والحضارات بل فى الاسرة الصغيرة القابعة فى ركن قصى من المدينة بشقة متواضعة نجد هذا السجال التاريخي والصراع الملحمي بين اب تقليدي وشاب ثائر متمرد ومن المهم ان يظل السجال فى صورته الحضارية الهادئة والا يتطوركما حدث فى نيويورك على يد ( جانجز اوف نيويورك ) بروايه سكورسيزى العظيم .
